الرئيسية / أخبار مميزة
القاضي لطفلة مغتصَبة: لماذا لم تقاوميه…؟ هل كنت تستمتعين؟
تاريخ النشر: 04/12/2013
القاضي لطفلة مغتصَبة: لماذا لم تقاوميه…؟ هل كنت تستمتعين؟
القاضي لطفلة مغتصَبة: لماذا لم تقاوميه…؟ هل كنت تستمتعين؟

يحاكم مختار إحدى القرى الجنوبية بجريمة التحرّش بحفيدة شقيقته منذ كانت في التاسعة. مرّت خمس سنوات فحاول الرجل الثمانيني التحرّش بقريبة الفتاة القاصر أيضاً. أخبرت الأخيرة عمّها، فافتُضح أمر خال والدتها. سُجِن المختار احتياطياً، لكنّ هناك توجّهاً لإخلاء سبيله. الفضيحة تكمن في تصرّفات القاضي الذي يتولى التحقيق في القضية. يبدو كأنه يريد النيل من المغتصَبة لا المغتصِب.

رضوان مرتضى

لم تكد سمر (اسم مستعار) تبلغ التاسعة من عمرها حتى بدأ خال والدتها (٨٢ عاماً) يتحرّش بها جنسياً. ورغم كبر سنّه وصغرها، اغتصبها في منزل جدّها، وهدّدها محذراً إياها من إخبار أحد. لم يكتف بذلك، بل كرّر فعلته غير مرّة، إلى أن أصبحت في الخامسة عشرة. منذ عدة أشهر، حاول الرجل الثمانيني إعادة الكرّة مع قريبة لها في عمر التاسعة أيضاً، لكنّ الأخيرة فضحته. اكتُشفت القضية منذ ستة أشهر. علمت الضحية الأولى بما حصل، فاستغلّت الفرصة وأخبرت عمّها أنّه كان يتحرّش بها طوال خمس سنوات تحت وطأة التهديد. ثارت ثائرة العم، فقرّر الحصول على بيّنة قبل مواجهة المشتبه فيه بالأمر. طلب العمّ من سمر الاتصال بالمدّعى عليه خال والدتها أمامه للتأكّد. فثبتت الواقعة من خلال المكالمة الهاتفية التي وثّقها العم. ثارت ثائرة الأهل وطلبوا مغادرة المختار الضيعة، لكنّه رفض على الرغم من تدخل الوسطاء.

تفاقمت المشكلة بين أفراد العائلة الواحدة الذين انقسموا على أنفسهم بين معارض لإثارة القضية وستر الفضيحة ومطالب بمعاقبة الفاعل. وتتطوّرت إلى تضارب بين الفريقين أكثر من مرّة. عندها لجأ والد الفتاة إلى القضاء إلى الادّعاء على المختار بجرم التحرّش بابنته القاصر. استدعي الرجل بعد إحالة الشكوى على مكتب حماية الآداب بناءً على إشارة القاضية غادة بو كرّوم. استُمع إلى إفادته، فأنكر في البداية، مدّعياً تلفيق المكالمة، لكنه ما لبث أن اعترف لاحقاً، فأحيل على النيابة العامة في بيروت التي أشارت بتوقيفه.

القضية اليوم أمام الهيئة الاتهامية في النبطية، علماً بأن القاضي الذي يتولى التحقيق فيها يحال على التقاعد خلال عدة أشهر. وهنا أصل المشكلة، بحسب أقارب الفتاة، الذين أبلغوا «الأخبار» أنّ القاضي المذكور استدعى الفتاة القاصر للتحقيق معها منفردة في إحدى الجلسات من دون حضور مندوبة الأحداث ولا وليّ أمرها ولا حتى وكيلها القانوني. وهذا الأمر مخالف للقانون. يومها اعترض وكيل جهة الادّعاء، لكن لم يؤخذ باعتراضه. وتنقل المصادر أن القاضي خاض معها بالتفصيل المملّ في وقائع التحرش. وفي جلسة أخرى عرض على العائلة حلّ المسألة حُبيّاً والموافقة على طلب الاسترحام المقدّم لإخلاء سبيل المدّعى عليه الذي مرّ على توقيفه خمسة أشهر، لكن الجهة المدّعية رفضت ذلك.

في الجلسة الثانية، استدعى القاضي جهتَي الادعاء، فاستجوب والد الفتاة الذي يعاني من شلل في نصفه الأيمن، علماً بأنّ والدتها متوفاة منذ كان عمرها تسع سنوات. في تلك الجلسة، انهار الوالد. بعدها أعاد القاضي استجواب الفتاة، طالباً إليها إخباره بالتفصيل كيفية قيام المختار بالتحرش بها، فردّت عليه بأنّها قد أخبرته في المرة الماضية، ولا داعي لأن تُخبره مجدداً، لكونها تخجل من سرد القصة في حضور الجميع، علماً بأن كلاً من المدعى عليه ومحاميه والموظف والدركي كانوا موجودين في القاعة. أصرّ القاضي عليها فرضخت رغم اعتراض وكيلها القانوني. وخلال الاستجواب، سأل القاضي الفتاة: «لماذا لم تصرُخي عندما كان يتحرّش بك؟ هل كنت تستمتعين…؟ لماذا لم تقاوميه؟». اعترض المحاميان، فردّ القاضي: «لا دخل لكما. هذا عملي». ليس هذا فحسب، إذ تنقل المصادر أنّ القاضي استجوب المدعى عليه في غرفة أخرى من دون وجود أيّ من وكلاء المدعين. ولمّا اعترض المحاميان، ردّ بإعطائهما المحضر طالباً إليهما قراءته. تستغرب المصادر تصرّف القاضي، فتنقل لـ«الأخبار»: «لقد وجّه القاضي اللوم للفتاة كيف سمحت للمعتدي بالتحرّش بها، هل يعقل ذلك؟». تشير المصادر الى «تدخّل أحد قضاة الشرع الذي تربطه قرابة بالمختار والفتاة لحرف مسار القضية وتبرئة المدعى عليه». وتكشف المصادر أنّه «تم التقدّم بمذكرة لهيئة المحكمة تتضمن لائحة المخالفات التي ارتكبها القاضي لاستبداله، لأنّه لم يراع الأصول القانونية في إدارة الجلسة». وتضمنت المذكرة الإشارة إلى «التعاطي بطريقة تهكّمية واستفزازية مع الجهة المدّعية»، مع ذكر استدعائه الفتاة من دون وجود مندوبة الأحداث، علماً بأنها تعاني أزمة نفسية وعصبية. كذلك تضمنت المذكرة الإشارة إلى «استبعاد القاضي الاستماع إلى الشاهد الرئيس في القضية».

وتفيد المصادر بأن القاضي استدعى ثلاثة شبّان للاستفسار منهم عن طبيعة علاقتهم بالفتاة القاصر، بناءً على طلب المدعى عليه. وتبين أن اثنين منهما حفيدا المختار، فأفاد أحدهما (٢٣ عاماً) بأن هناك علاقة عاطفية كانت تربطه بها. هنا اعترض محامي الفتاة، مبرراً أن «الاستدعاء يخرج عن سياق القضية ولا يقدّم شيئاً سوى الإساءة إلى الفتاة»، علماً بأنّ ادّعاء الشاب البالغ من العمر ٢٣ عاماً يُجرّمه، لكونها قاصراً. طلب القاضي إلى الشاب الذي استُدعي على سبيل المعلومات إثبات ادّعائه، فردّ الأخير بأن لديه صوراً حميمة تجمعه بالفتاة موجودة في المنزل. أشار عليه القاضي بإحضارها، فأجابه بأنّ الفتاة تظهر في الصور من دون أن يظهر وجهها. غير أن القاضي أصرّ عليه لإحضار الصور في الجلسة المقبلة. وفي الجلسة التي تلتها، حضر الشاب مدّعياً أنّه بحث عن الصور ولم يجدها. وتنقل المصادر أنّ ما حصل كان محاولة من الشاب لتبرئة جدّه، لكنّها لم تنجح.

وتكشف المصادر عن توجّه لتبرئة المختار من التهمة المنسوبة إليه، وبالتالي تتحوّل الضحية حُكماً إلى مذنبة. إزاء ذلك، يُهدّد أقارب الفتاة بـ«تحصيل حقّ ابنتنا بأيدينا إذا خرج المعتدي».

تجدر الإشارة إلى أنّ القضية اليوم لا تزال عالقة أمام الهيئة الاتهامية في النبطية.

الاخبار

أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار