أيُّها السفير سأقولها بصراحة، أنا من هؤلاء الذين يعتقدون بوجوب طردك من هذا البلد، ولكن هذا لا علاقة له بكَ شخصيًا، لكن هذا له علاقة بسياسات دولتك، بهذه الكلمات افتتح النائب في لجنة الخارجيّة والأمن في البرلمان الأيرلندي، ريتشارد باريت، حديثه خلال اجتماع اللجنة مع سفير تل أبيب في دبلن.
وتابع: إلى جانب القس ديزموند توتو أقول إنّ الوقت لمعاملتكم كدولة طبيعيّة قد انتهى، لأنّكم لا تتصرّفون كدولةٍ طبيعيّةٍ. وتابع قائلاً: أود أنْ أطرح بعض الأسئلة المتعلقّة بمزاعمك، وأود أنْ أوضّح أنّ أقوالي ليس مدفوعة من باب معاداة الساميّة في حالتي هذه، على سبيل المثال، عندما تمّت محاولات ممجوجة للتقليل من بشاعة الهولوكوست، على يدّ أشخاصٍ مثل ديفيد إيرفينغ، قمت باستضافة أحد اليهود الناجين من معسكر “أوشفيتز″ لتنظيم اجتماعات ولقاءات على التلفزيون، ولتذكير الأيرلنديين بأهوال الهولوكوست.
وشدّدّ قائلاً: سأفعلها ثانيةً في حال حاول أحدهم التقليل من الأهوال التي ارتُكبت بحقّ اليهود، وهذا لأنّي على وجه الخصوص مُعارض للعنصريّة، ولذلك أُعارض ما تقوم به دولتك وما تقف عليه، لذلك أود طرح بعض الأسئلة التي لها علاقة بذلك: حاولت التغطية على ما قمتم بفعله من قتل للأبرياء خلال ثلاثة أحداث منفصلة في غزّة في السنوات الماضية، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة وغيرها.
قمت بالتغطية على كلّ ذلك بالهجوم على حماس. وسأله: لماذا لا تعترف بأنّ حماس لم تكُن موجودةً أصلاً خلال اشتعال الانتفاضة الأولى؟ ولم تُقِم ذراعًا عسكريًا إلّا في التسعينيات من القرن الماضي. والسبب وراء ذلك أنّ منظمة التحرير الفلسطينيّة كانت في الخارج بذلك الوقت، ولم يكُن لها تواجد فعليّ.
وأضاف أنّ المواطن الفلسطينيّ البسيط انتفض لأنّكم منعتم عنه الحقوق الأساسيّة. وقال النائب أيضًا للسفير الإسرائيليّ: عشت هناك وكان نظام فصل عنصريّ، والعنصريّة كانت نتنة وكالمرض المُستفحل.
وكنت مصدومًا جدًا خلال الأسابيع التي قضيتها هناك، وحين رأيت كيف تُعاملون الشعب الفلسطينيّ؟ ووجّه له سؤالاً مُباشرًا: أليس في الحقيقة أنّ قانون العودة، وهو قانون أساسيّ في الدولة الإسرائيليّة، هو أيضًا قانون عنصريّ، يدّل على الأبرتهايد، لأنّه يمنح حقوقًا لليهود ويمنعها عن الفلسطينيين؟ هو يسمح لي، على سبيل المثال، لو كنت يهوديًا ولم تطأ قدمي إسرائيل بأنْ أُطالب بجنسيةٍ غدًا؟ لكن ستة ملايين من البشر تعود أصولهم لما تُسّميها أنتَ إسرائيل، والذين تمّ تهجيرهم في العامين 1947 و1948 لا يملكون هذا الحّق. أليس هذا سببًا في كون الفلسطينيين بحالة نزاعٍ مع الإسرائيليين لأنّكم منعتموهم من العودة إلى بيوتهم، أرضهم وقراهم؟ وأنّهم يملكون مطالبةً مشروعةً حتى تحت مظلّة القانون الدوليّ، لكنّكم تُنكرون حقّهم هذا.
وسأل النائب أيضًا: لماذا تُنكرون حقوقهم ولماذا تعطونه لأناسٍ آخرين ليس لديهم أيّة صلة بتلك الأرض سواءً تُسّميها إسرائيل أوْ فلسطين؟
وتابع: لماذا تستمرّون على أرضٍ ليست لكم إذا كنتم جادين بشأن اتفاقية أوسلو وحلّ الدولتين؟ لماذا تستمرون بالاستيلاء على الأرض والتي بحسب الاتفاقيّة تمّ إقرارها كأرضٍ فلسطينيّةٍ؟ مئات آلاف الأشخاص استوطنوا هناك والسواد الأعظم منهم قام بالاستيطان بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وقد سمحتم أنتم بحدوث ذلك، قال النائب للسفير الإسرائيليّ. لماذا سمحتم بذلك إذا كنتم جادين في إعطاء تلك الأراضي للشعب الفلسطينيّ؟ وهذا ليس بالأمر الطبيعيّ على الإطلاق، قال النائب الايرلنديّ.
وهنا شدّدّ الهجوم وقال له: ألست تُعاملنا أيُّها السفير كأغبياء؟ حيث باستطاعتك أنْ تقول وبكلّ برودٍ: إننّا جادون بشأن السلام، وفي أثناء سعينا للسلام، سنقوم بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة؟ وتتوقّع من الفلسطينيين أنْ يجلسوا ساكتين، وإلّا يفعلوا شيئًا حيّال ذلك؟ وتتوقّع من العالم أنْ يُوافق على أنّ هذا تصرّفًا مقبولاً؟.
وتابع النائب قائلاً: وقد سألت قبل ذلك لماذا لا نمتلك حلّاً بناءً؟ أو تعلم ما الذي يُطالب به الفلسطينيون، وهو بشكلٍ ما أقّل ممّا يُطالب به الآخرون.
وأردف قائلاً: إننّي أؤمن بأنّ كلّ هذا النظام العنصريّ يجب تفكيكه. الذي طالب به الفلسطينيون هو فكّ الحصار عن غزّة، أنهوا الحصار عن غزّة، دعوهم يحصلون على ميناءٍ؟ دعوهم يحصلون على مطارٍ.
دعوهم لا يبقون تحت حكم حكومة هم لا يُصوتوا لها لتدخل وتخرج من مناطقهم سواءً كان لديهم القوّة أوْ ماء صحيّ أوْ الدواء. وسأل النائب السفير الإسرائيليّ: ما الذي يجعلك تظّن أنّ باستطاعة رابع أقوى جيش في العالم حيازة أسلحة نوويّة؟
كيف يُمكن أنْ تُبرر تلك المعايير المزدوجة؟. وأخيرًا أيُّها السفير، قال النائب، أشخاص مثل ديزموند توتو ونيلسون مانديلا وأنا نصف دولتك بدولة الفصل العنصريّ، مع وجود قوانين مختلفة للناس مبنية على عرقهم أوْ ديانتهم. وخلُص إلى القول: أليست هذه المسألة برّمتها، حيث مثلاً نقاط التفتيش أثناء ذهابك إلى الضفّة الغربيّة يكون لك فيها مسار إذا كنت إسرائيليًا أوْ أوروبيًا، ومسار آخر للعرب، فقط لكونك عربيًا.
لو أتيت إلى دير إيرين ثمّ أوقفوك وسألوك: هل أنت يهوديًا؟ عذرًا سيّدي لا تستطيع المرور من نفس المدخل الذي يمر منه الأيرلنديين أوْ الأوروبيين لأنّك يهوديّ، حينها ستُطلق على ذلك عنصريّة وفصل عنصريّ، لكن نعم، إنّكم تُمارسون ذلك في نقاط التفتيش، وقوّاتكم وحواجزكم وجدار العزل العنصريّ لديكم، كيف يُمكن أنْ تُبرر كلّ ذلك؟.